5:10 ص
Unknown
د. مشرفة الذى رثاه أينشتاين
تمر علينا هذه الأيام الذكرى الواحدة والستين على رحيل العالم المصرى
العظيم الدكتور على مصطفى مشرفة أحد النوابغ فى فضاء العلم فى العصر
الحديث، ترجع بداية الدكتور مشرفة إلى الحادى عشر من يوليو للعام 1898م حيث
ولد فى فى مدينة دمياط وكان أول أبناء السيد مصطفى مشرفة الذى كان أحد
وجهاء مدينة دمياط وأحد أثريائها، ومن المتمكنين فى علوم الدين . بدأ
الدكتور مشرفة فى تلقى أول علومه وتعليمه على يد والده ومن ثم فى مدرسة
أحمد الكتبي، وكان دائما من الأوائل فى الدراسة ولكن القدر كان يخبأ له بعض
المحن فى سن الطفولة فقد توفى والده بعد أن خسر كل ثروته ومن ثم وجد
الدكتور مشرفة نفسه العائل الوحيد لأسرة مكونة والدة وأخت وثلاث أشقاء، ومن
هنا انتقل للقاهرة ليحصل من هناك فى سن السادسة عشرة على البكلوريا - وهو
ما كان حدث نادر الحدوث فى ذلك الوقت - ويصبح ترتيبه الثانى على القطر
المصرى.
التحق بعد ذلك بكلية المعلمين العليا ومن ثم أنهى الدراسة وحصل على الترتيب
الأول وهو ما أعطاه الفرصة للحصول على منحة للدراسة فى جامعة نوتنجهام
الإنجليزية التى حصل منها على شهادة البكالوريوس فى الرياضيات خلال ثلاث
سنوات بدلا من أربع وقد لفتت نتيجته نظر أساتذته الذين اقترحوا على وزارة
المعارف المصرية أن يتابع مشرفة دراسته للعلوم فى جامعة لندن، فاستجيب
لطلبهم والتحق عام 1920 بالكلية الملكية وحصل منها عام 1923 على الدكتوراة
فى فلسفة العلوم بإشراف العالم الفيزيائى الكبير تشارلس توماس ويلسون ثم
حصل على دكتوراه العلوم من جامعة لندن وهى أعلى درجة علمية ومن ثم أصبح اول
عميد لكلية العلوم فى مصر.
للدكتور مشرفة العديد من الأبحاث العلمية المميزة وخصوصاً فى مجال الفيزياء
الذرية وقوانين ميكانيكا الكم (هو مصطلح فيزيائى يستخدم لوصف أصغر كمّية
يمكن تقسيم الإشياء إليها، ويستخدم فى للإشارة إلى كميات الطاقة المحددة
التى تنبعث بشكل متقطع، وليس بشكل مستمر).
إن أبحاث الدكتور مشرفة ذات المحتوى العلمى القيم والنظريات المبتكرة هى
ماجعل عالم فى قامة ومستوى أينشتاين يتابع أبحاثه حتى أنه عندم توفى
الدكتور مشرفة فى عام 1950م قال عنه " لا أصدق أن مشرفة قد مات، إنه لا
يزال حياً من خلال أبحاثه".
إننى حين أتحدث على الدكتور مشرفة فإننى أقصد بالطبع تذكير الناس بذكرى
رحيله فى السادس عشر من هذا الشهر كما وأننى وبإسهاب شديد قد تناولة قصة
حياته والتى أرجوا أن يكون الدكتور مشرفة مثل وقدوة لبعض شباب هذا الجيل
الذى أتخذ من الفنانين واللاعبين وغيرهم مثلاً وقدوة وهذا نتيجة طبيعية
للأضواء الباهرة والقنوات العديدة التى تتناول أقل شيء قد يقوم به هؤلاء
النجوم الزائفة مما يجعل بوصلة النشىء بعيدة كل البعد عن المعنى والقيمة
الحقيقة للحياة , فى حين أن الأضواء العربية تكون بعيدة كل البعد عن
العلماء العرب ولكن العزاء فى أن الكثير منهم معروفين ومرموقين فى بلاد
الغرب أمثال الدكاترة الباز وزويل ويعقوب وحجى.
إن الدكتور مشرفة وبالرغم من كونه أحد كبار المشاركين فى الزخم العلمى فى
النصف الأول فى القرن العشرين والذى شهد طفرة غير مسبوقة فى العلوم مثل
إنتاج الحاسوب والقنبلة النووية وإصدارتها المختلفة والتى كانت نتيجة
لأبحاث علماء فى وزن الدكتور مشرفة، فإن الدكتور مشرفة أصدر العديد من
الكتب التى تشرح مبادئ تلك العلوم المعقدة للمواطن العادى البسيط كما كان
مهتما بالموسيقى ولكنها لم تكن شغله الشغال على العكس من حال الكثيرين
اليوم وبذلك فقد كان للدكتور مشرفة ما يمكن أن نسميه "حياة عميقة التأثير"
والتى تتضمن الإساهم بقيمة فِعلية وفعّالة فى الحياة حتى أنه أصبح عالم
عالمى ولكنه لم يهمل ما قد يكون نوع من الهواية وهو بذلك يكون كمن عمل من
خلال المعادلة الصعبة فى ترتيب أولوياته وتنظيم وقته لتحقيق أهدافه.
أتمنى أن نهتم بالعلماء أمثال الدكتور مشرفة وأن نجعل من أيام ذكراهم فرصة
لإستلهام أفكار جديدة وتجديد علوم هؤلاء العلماء ونشرها بين العامة كما
أنها فرصة لاستنهاض روح الشباب وحثهم على العلم والتعلم لأن الأمم لا تنهض
إلا بالعلم والعلماء وليس باللعب والغناء والأمثلة فى الغرب واضحة وضوح
الشمس فى كبد سماء يوم صيفى شديد الحرارة.